سامي سماحة
وإذا كان جزء من هذا النقص يكمل بمرويات ومستندات المقربين الى الزعيم ورفقائه الأُول وأعوانه ومعاونيه فان قسما كبيرا هاما يبقى ناقصا .ج 11ص 120
تكتسب مرويات السوريين القوميين الاجتماعيين عن تاريخ الحزب أهميتها من قولها الحقيقة كاملة ،لا زيادة ولا نقصان .
تدلنا الى نقاط الضعف وتخبرنا عن نقاط القوة ، وتخبرنا عن مواقف العز ومواقف التخاذل.
بعضنا يقرأها ليتعرف على البطولات فيزداد إيمانا
بعضنا يقرأها ليتعرف على تاريخ الحزب ويكتسب الدروس والعبر
ما كتبه الرفيق جوزف رزق الله يعطينا صورة واضحة عن واقع الحزب آنذاك
تجرّأ ، كتب ما لم يكتبه غيره .
كشف المستور ولم يخف لا من سلطةحزبية ولا من رأي عام قومي ولا من نقد قد يطاله من بعض القوميين
كان صريحا ، وصراحته كشفت حقائق وأعطت علامات فارقة .
العلامات الفارقة :
1-وأني اعترف أن هذه المجلة أبعدتني عن الحزب وأخرّت نوعا ما انتمائي . فقد أخشى ان تكون أراء فايز صايغ وغسان تويني آراء الحزب .
أنها إشارة إدراك ووعي لغاية الحزب ومبادئه ،إلتقطها الرفيق جوزيف قبل أن يصبح عضوا في الحزب السوري القومي الاجتماعي، ولم يلتقطها الكثير من القوميين الاجتماعيين حتى من كان منهم مع الزعيم في فترة العمل السري ومن رافقه قبل غيابه القسري .
جوزف رزق الله كشف فايز صايغ وغسان تويني قبل أن يكشفهما جهابذة الفكر في قيادة الحزب وخارجها .
2-وظلت الكتائب تلاحقني بما لها من نفوذ وساومتني على عقيدتي الجديدة وتمكنت من سجني مرتين بتدخلاتها لدى الديوان الأسقفي الماروني في بيروت والنيابة العامة الاستئنافية .
كشف الرفيق جوزف علاقة الكتائب بالمؤسسات الدينية ، وكشف أيضا تآمر هذه المؤسسات على القوميين الاجتماعيين ، فليس أمرا عاديا أن يتدخل الديوان الأسقفي الماروني ليسجن جوزيف المختلف مع زوجته بتدخل من أشقائها الكتائبيين الذين وبالتفاهم مع الديوان الأسقفي خيروه بين السجن وترك الحزب .
كم كانت تخاف المؤسسات الدينية من غاية الحزب ومبادئه .
3-لأن المدير (س.ق)لم يكن يصلح لتولي مسؤولية المدير . فقد كان متعصبا لمسيحيته وشديد الاعجاب بالحركة الماسونية التي تتنافى وتعاليم حركتنا .ص24
ما يميز جوزف رزق الله عن غيره من الذين كتبوا مذكراتهم ، أنه كان صريح وحقيقي ، فكما كان جبلا في مواجهة الأخصام ، كان سيفا بتارأ في مواجهة الانحراف ، لا يعرف المهادنة ولا التبييض ، لا يعرف أن يسكت عن خطأ يراه مهما كان هذا الخطأ ،فلا حرج عنده أن يتحدث عن مدير مديرية كان يتعصب لمسيحيته وشديد الاعجاب بالحركة الماسونية ، لأنه اتخذ قدوته الزعيم، ولم يكن الزعيم يساير أحدا في موضوع العقيدة السورية القومية الاجتماعية ، يحق لجوزف أن يستهجن ويستغرب ويرفع الصوت عاليا ، لأن الملامة لا تقع فقط على المدير بل تقع المسؤولية على الجهة التي اقترحت والجهة التي عينّت .
4-معركة عنيفة ضد الشيوعية المتحالفة مع اليهود والكتائبيين ص24
هذه العلامة الفارقة ليست بالخلاف بين الشيوعيين والقوميين الاجتماعيين بل هي بالحديث عن التحالف بين الكتائب والشيوعين .
فما هي نقاط التقاطع بين الطرفين ، وما هي المصالح المشتركة بين الطرفين ، وهل يوجد بغاية كل طرف ما يسمح له للتحالف مع الطرف الآخر ، لا أعتقد جمعهما الصراع الطبقي ولا ديكتاتورية الطبقة العاملة ولا النظرية الإقتصادية بل جمعهما العداء للحزب السوري القومي الاجتماعي والموقف من القضايا القومية والوطنية والقضية الفلسطينية في طليعة هذه القضايا وتبين فيما بعد تفاهمهما على نفس الموقف .
5-وبينما كنت خارجا من المفوضية العراقية حاول شيوعيان عراقيان القضاء علي
أظهرت هذه العلامة كم كان الشيوعيون يحقدون على القوميين الاجتماعيين
6-كان الأمين أبو عجرم متكبرا لا يلتفت الى أحد ، ويحتفظه بالأخبار السارة والمزعجة التي تأتيه .وقال الامين ابو عجرم :
وكان يتولى خدمتنا القوميون الهردبشت أمثال عبد الرحمن بشناتي ص28
يؤكد الرفيق جوزف أن سوء الفهم للعقيدة السورية القومية الاجتماعية لم يكن عند بعض القوميين العاديين الذين استلموا مسؤوليات في المديرية والمنفذية أو لم يستلموا ، بل أنه كان عند القيادات الحزبية العليا وعند رئيس المجلس الأعلى الذي هو أعلى سلطة تشريعية .
فسلوك أبو عجرم المتكبر وكتمانه الأخبار السارة والمزعجة عن رفقائه وتجاهلهم والتعاطي معهم بعقلية فوقية ، أكبر دلالة أن هذا الرفيق جلب الى داخل الحزب كل الأثام التي كان يحملها .
زاد الطين بلة عندما تحدث ابو عجرم عن الرفقاء الهردبشت الذين يخدمونه وذكر الرفيق عبدالرحمان بشناتي .
ونقول لماذا تفكك الحزب ؟
عندما يكون فؤاد ابو عجرد قائدا في الحزب ، من الطبيعي أن يتفكك الحزب وينشق ويعاني من مغص زمهرير الشتاء .
7-وقد واجهت معضلات متفاوتة ، منها الصراع الخفي والعلني الذي نشب بين القوميين الاجتماعيين إذ انقسموا بين شيعة وسنة .ص30
ما أجملك جوزف رزق الله وانت تنطق بالحقائق كما هي ولا تخاف لومة لائم ولا عتاب عاتب ، تُصارحنا بما كنا عليه ، تسرد ما تشاهده وتعرفه دون أن ترتدي قفازات ولا أن تتلعثم من الخوف ، تخبرنا الحقائق لنتعظ ونعرف كيف كان يُدار حزبنا بعد استشهاد الزعيم .
تؤكد لنا ما كنا نتوقعه وما كنا نظنّه
كنا نسأل دائما أين كانت قوى الحزب عندما أعلن الزعيم الثورة ؟
كنا نسأل لماذالم تتحرك قشة من مكانها ولماذالم تنطلق الثورة في كل مناطق تواجد الحزب السوري القومي الاجتماعي ؟
كنا نسأل عن الويل الذي أصاب الحزب ولم نكن نعرف تحديدمكانه ولا أسبابه .
أي حزب هذا يختلف فيه القومييون بين شيعة وسنة ومسيحيين .
اي حزب هذا يبقى أعضاؤه على تعصبّهم لطوائفهم ومذاهبهم
هذا الحزب أصبح اي شيء لكنه لم يعد الحزب السوري القومي الاجتماعي
8-وما لبثوا أن حولوا المديريات الى خلايا إرسلانية وأعلنوا حربا شعواء على العائلات الجنبلاطية .ص33
المضحك المبكي أن تحمل مؤسسات الحزب المحلية الألوان السياسية السائدة فيتحول الحزب من فكرة وحركة الى جمعية سياسية لبنانية عادية وتتحول غاية الحزب من بعث نهضة الى اللعب بالشؤون السياسية على أساس ترتيب المصالح والمنافع .
مديريات الحزب خلايا إرسلانية
يا للجهالة ،يا لسوء القدر
مديريات الحزب السوري القومي الاجتماعي تتحول الى مؤسسات للصراع بين |أطراف النزاع المحلي .
لست أدري كيف كان يسكت القوميون الاجتماعيون عن كل هذه الأفعال الشنيعة بحق الحزب والعقيدة .
لست أدري كيف كانت تلعب القيادات بالحزب ، كيف كانت تعتبر القوميين الاجتماعيين كمّا تتاجر فيه في سوق العرض والطلب ،ولم ينتفضوا على هذه القيادات
9-وتظهر الوثائق أن جوزف كان عضوا فاعلا في حلقة الانقاذ التي ضمت عددا من القياديين القوميين الاجتماعيين الساعين الى إيجاد مخرج ينقذ الحزب من ورطة الصراعات الداخلية .ص39
يعطي الرفيق جوزف إشارة الى أن مسألة انقاذ الحزب من براثن المتحكمين بمصيرالحزب بدأت منذ زمن بعيد
10-إن نهج الزعيم الثوري لم يسمح بمحالفة الرجعيين كما حصل بعده دون أن نلمس أية ضرورة لذلك .ص46
فصل جوزيف خيراللة باكرا بين حقبة وجود الزعيم وحقبة ما بعد الزعيم وأشار الى التباين بينهما معتبرا ان مرحلة الزعين كانت بنهج ثوري يرفض التحالف مع الرجعيين وأصحاب المنافع الخاصة بينما مرحلة ما بعد الزعيم تحالفت مع الرجعيين دون وجود الأسباب الضرورية لهذا التحالف .
لقد تبدل الحلفاء الرجعيين بتبدل المصالح
فلم تجد هذه القيادات ضررا من التحالف مع كميل شمعون وكمال جنبلاط ومجيد ارسلان والملك حسين وغيرهم من الأسماء والألقاب التي لاتحضرني الآن .
ليس فقط لم يتحالف الزعيم مع الرجعيين بل هاجمهم وأعلن ان الحزب حركة هجومية وليس حركة دفاعية يمارس ردة الفعل .
تطورت فكرة التحالف مع الرجعيين وأدخلتنا في دهاليز السلطة الفاسدة فنال الحزب من سلطة الفساد فسادا .
تطورت فكرة التحالف مع الرجعيين فلم يعد الحزب حزبا يعبّر عن مصالح الناس وحاجاتهم ومصالح الأمة وحاجاتها بل أصبح منذ ما بعد استشهاد الزعيم يفّتش عن دور له في سلطة فاسدة .
وانتقل فساد السلطة الفاسدة الى الحزب فصار على القوميين ان يحاربوا سلطة الفساد في الحزب وسلطة الفساد في كيانات الأمة السورية .
11-إذا استمر الحزب على هذه الحالة الزرية ، مزرعة يتصرف بها الأمناء ويفصلون لها الثوب الذي يلاءم مزاجهم ، فلن أنتظر طردكم بل أنا سأبتعد عن هذا الحزب . ص58
قد يكون تعبير الزريبة غير ملائم ولا يجوز استعماله، ولكن علينا أن نسأل
أي حالة كان يعيشها الحزب حتى تجرّأ الرفيق جوزف على كتابة هكذا تعبير ؟
أي حالة كان يعيشها الأمناء حتى تجرّأ الرفيق جوزف وأعطاهم هذا الدور المُشين؟
الغريب العجيب أن هذا الحزب العظيم الذي ينال من شموخه بعض أمنائه وقياداته ينطلق بعد الخروج من السجن ومؤتمر ملكارات كالفينيق فيغزوا الجامعات والمثقفين والفقراء وأصحاب الدخل المحدود ويصبح قوة يُحسب لها ألف حساب مع أنه كان يعيش بداخله خلافات كبيرة أنتجت انشقاقا في بداية الحرب اللبنانية التي اندلعت في العام 1975
كيف لهذا الحزب أن يعود الى الصراع من بابه الواسع ويقول عنه من رافق العمل السري منذ بدايته حتى صدور العفو العام :
إذا استمر الحزب على هذه الحالة الزرية ، مزرعة يتصرف بها الامناء
لو لم تكن العقيدة السورية القومية الاجتماعية حقيقة وقدر المواطنين السوريين الذي لا مفر منه ، كنا قرأنا السلام على الحزب منذ ما بعد استشهاد الزعيم
12-على أي أساس نلتم رتبة الأمانة ؟ تتركوننا وحدنا نعمل تحت تهديد السجن والخطر ، ثم تثورون وتعترضون إذا قام رفيق بأداء التحية الحزبية في الشارع .
إن حديث الرفيق جوزف يؤكد لنا ان المشكلة ليست في الرتبة بل في الذين يمنحون الرتبة .
لم يكن منح الرتبة لمن يستحقها ، بل كان لمن يكون مع القيادات العُليا
كنا نفتش عن وقائع تشرح لنا عملية الانتشار السطحي للحزب السوري القومي الاجتماعي والعقيدة السورية القومية الاجتماعية .
لقد قرأناها وتعرفّنا عليها عند القيادات العليا لكننا لم تقرأ عنها عند القوميين الاجتماعيين في الوحدات الحزبية .
لم تكتف القيادات بانحرافها بل أسقطت جهلها المعرفي على الوحدات الحزبية وأهملت وظيفتها الإذاعية والتثقيفية مما جعل الانتشار أفقي .
لم تعمل هذه القيادت على استيعاب من جذبهم الحزب ومواقفه وأنطون سعادة ومواقفه عبر التفاعل الثقافي على مستوى
أفضل خاتمة للحديث عن الرفيق جوزف وكتابه ما قاله عنه الامين محمد غملوش :
لو أن جميع من مروا في هذا الحزب كانوا كما كان الرفيق جوزف لا ينشد سلطة ولا جاها ولا مالا بل العمل والعمل فقط من أجل نهضة الأمة وتحقيق غاية الحزب … لكان الحزب انتصر وحقق غايته في الأمة .